2024-05-15 - الأربعاء
السفير داني الاشقر: الاستثمار البيني لتركيا والاردن ضرورة للتكامل الاقتصادي nayrouz طائرة ترامب تصطدم بطائرة خاصة في مطار بفلوريدا nayrouz كيم جونغ أون يتفقد نظاما صاروخيا جديدا ويدعو إلى "تغيير تاريخي" في الاستعدادات للحرب nayrouz الإمارات تكرم عمر العبداللات بجائزة قادة العمل الإنساني nayrouz مدعوون للامتحان التنافسي في المؤسسة المدنية (أسماء) nayrouz بدء التشغيل التجريبي لمشروع الباص السريع بين عمان والزرقاء الأربعاء nayrouz ارتفاع أسعار النفط عالمياً nayrouz واشنطن تندّد بقمع محامين في تونس nayrouz مواجهات بين فلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي في مخيم شعفاط بالقدس nayrouz شهداء وجرحى في غارات إسرائيلية على قطاع غزة nayrouz البنتاغون: المنصة البحرية لنقل المساعدات إلى غزة سيبدأ تشغيلها "في الأيام المقبلة" nayrouz 7 ملايين شخص معرضون لمستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي في جنوب السودان nayrouz الاحتلال الإسرائيلي يتكبد خسائر فادحة في اليوم الـ 222 من العدوان على غزة nayrouz مقتل جندي إسرائيلي بمعارك جنوب قطاع غزة nayrouz جامعة الدول العربية تؤكد جاهزية جدول أعمال القمة لاعتماده nayrouz طقس لطيف الأربعاء والخميس ودافئ الجمعة nayrouz مسؤول أمريكي يفاجئ الجميع: إسرائيل لن تنتصر في غزة ولن تستطيع تحقيق أهدافها nayrouz بعد "ضربته الجمركية" للصين.. بايدن يتوقع ردا بالمثل nayrouz عرض ساعات فاخرة لأسطورة فورمولا 1 للبيع في مزاد علني nayrouz وفيات الأردن اليوم الأربعاء 15-5-2024 nayrouz

تفاصيل جديدة حول استشهاد وصفي التل يرويها شقيقه معالي سعيد التل للمؤرخ العرموطي

{clean_title}
نيروز الإخبارية :

خاص نيروز 

قدم المؤرخ عمر العرموطي وثيقة في غاية الأهمية فيما يتعلق باستشهاد رئيس الوزراء الأسبق وصفي التل في القاهرة عام 1971م وجاءت هذه الشهادة على لسان شقيقه معالي الدكتور سعيد التل / نائب رئيس الوزراء الأسبق كما وردت في كتاب وقفات لمؤلفه د. سعيد التل، والكتاب من إعداد وتمهيد المؤرخ / عمر العرموطي. 


وتالياً ما جاء حرفياً على لسان د. سعيد التل شقيق الشهيد وصفي التل  بعد أحداث جرش، قررت قيادة المقاومة الفلسطينية اغتيال عدداً من قيادات الدولة الأردنية، وعلى رأسها الملك حسين، وشمل هذا القرار الأمير حسن والشريف ناصر بن جميل والشريف زيد بن شاكر ووصفي التل وحابس المجالي وغيرهم، لقد أحبطت محاولتا اغتيال للملك حسين إحداها في المغرب والأخرى في عمان.    



 وعندما قرر وصفي التل حضور مجلس الدفاع العربي المشترك في القاهرة، دفعت قيادة المقاومة الفلسطينية بثلاثة من عناصرها للتوجه إلى القاهرة لاغتيال وصفي، كانت الأجهزة الأمنية الأردنية على علم بالقرار، وكانت أيضاً على علم بأسماء الأشخاص الذين دفعتهم إلى القاهرة، وبناءً على هذه المعرفة الدقيقة،  حذرت هذه الأجهزة وصفي من خطورة الذهاب إلى القاهرة،  ولقد حذر وصفي من الذهاب عدد من الأشخاص المسئولين وغير المسئولين من أصدقاء وصفي ومحبيه وهم كثر، كما حذرته أنا شخصياً أكثر من مرة، وأتذكر أنني قلت له: -    في هذا الجو المحموم الخطر ليس من المصلحة أن تذهب إلى القاهرة..  كان جوابه لي ولكل من حذره: -  "أن مصر دولة لها قيمها وتقاليدها وهي دولة تحترم ضيوفها وتؤمن لهم الحماية الكاملة ...! " . سمحت الأجهزة الأمنية المصرية للأشخاص الثلاثة التي دفعتهم قيادة المقاومة الفلسطينية بالدخول إلى القاهرة، مع علمها الكامل سبب مجيئهم إليها،  وبعد ظهر يوم 29/11/1971م، وخلال دخول وصفي التل إلى الفندق، وبعد حضور جلسة لمجلس الدفاع، أطلق عليه الرصاص واستشهد.   


  قبض الأمن المصري على هؤلاء الأشخاص الثلاثة، وقدمـوا إلى المحكمـة المختصة التي برأتهـم، بدعوى أن الرصاصة التي قتلت وصفي ليست من الرصاصات التي أطلقها هؤلاء الأشخاص من أسلحتهم، وبالتالي فإن هنالك قول متداول أن وصفي التل قد استشهد برصاصة قناص، كلّف بذلك بتوجهات من الرئيس المصري أنور السادات،  قال لي الأستاذ سامي قموه، الذي كان يعمل بالسفارة الأردنية بالقاهـرة، وشاهد جسد وصفي في المستشفى العسكري في المعادي، أن جسده كان خالياً من أي آثار للإصابة بطلقات نارية باستثناء موقع القلب بالصدر والذي تظهر فيه آثار لرصاصة قد اخترقته ...!     سألني السيد محمد المصمودي، وزير خارجية تونس الأسبق، الذي التقيت  فيه في أبوظبي خلال اجتماعات وزراء التربية والتعليم العرب سنة 1977م، هل تعرف من قتل أخوك وصفي ؟ قلت : لا أعرف بالتحديد، لكنني أعتقد أن الذين يدّعون قتله لم يفعلوا ذلك، وإنما كانوا ( كاموفلاج ) لعملية الاغتيال مدبرة من جهات أخرى. فقال لي السيد المصمودي: "أنا أعرف من الذي قتل أخوك وصفي، إن الذي قتله هوفكره وقناعاته وخططه، ذلك أن وصفي طرح – إعلامياً ثم رسمياً – في مجلس الدفاع العربي المشترك الذي حضرته، وبجرأة وعلانية، خطة عملية شاملة للتصدي للعدوان الصهيوني".    إن هذه الخطة، كما يقول المصمودي، تعارضها إسرائيل بشدة، وتمثل خطراً كبيراً عليها وعلى وجودها، كما أنها لا توافق مصر السادات وغيره من قادة الأنظمة العربية،  لذلك فقد وجد أن الطريقة المثلى لوأد هذه الخطة هي قتل صاحبها، وقد تمّ ذلك من جهة أخرى، فإن قتل وصفي التل سوف يؤدي، من وجهة نظر من خططوا له ونفذوه، إلى قطيعة وصراع أردني -  فلسطيني، قد يستمر سنوات، ولقد أكدت الأحداث التي تلت ما جاء على لسان السيد المصمودي...!.     التقيت بالأستاذ عبد الحليم خدام في دمشق عندما كنت وزيراً للإعلام وعندما كان نائباً لرئيس الجمهورية العربية السورية، في أوائل الثمانينات من القرن الماضي، وعند الحديث عن وصفي التل قال:  -   " إن وصفي قد ظلم ظلماً فاحشاً، وخاصة من قبل بعض القيادات الفلسطينية" وأضاف:  -   " أن عدداً قليلاً جداً من القيادات الفلسطينية من يصل بعمله من أجل القضية الفلسطينية إلى مصاف وصفي التل"، وعندما تطرقنا إلى موضوع استشهاده بالقاهرة قال:  -   " إن الخطة التي طرحها وصفي التل في مجلس الدفاع العربي المشترك كانت مرفوضة من أمريكا وإسرائيل ومصر والمنظمة وأضاف أن جميع هذه الأطراف قد شاركت بشكل أوآخر في عملية اغتيال، وقد علمت أن وصفي التل قد ذهب إلى القاهرة بدون أن ترافقه أية حماية..!".  أجابني :  أنت تعرف  أخاك أكثر مني، ونحن وبصراحة أقولها لك، إننا كنا نخشى معارضته..!     وقبل أن اختم حديثي عن وصفي التل وقضية فلسطين قد يكون من المناسب أن أذكر القصة التالية ولها علاقة بقضية فلسطين وتظهر التخلف العربي في معالجتها في وقت مبكر، إن هذه القصة التي يمكن أن يكون عنوانها "المكتب العربي ومعاهدة بورتسموت":    أنشأت جامعة الدول العربية وبتمويل من الدولة العراقية، المكتب العربي في لندن، للتعريف بالقضية الفلسطينية، وفي لقاء للأستاذ وصفي التل مع بعض المفكرين والسياسيين الأردنيين، سمعته يروي القصة التالية، عن مشروع المعاهدة التي كان من المتوقع إبرامها بين العراق وبريطانيا والتي عرفت "بمعاهدة  بورتسموت":  " عندما جاء الوفد العراقي برئاسة الأستاذ صالح جبر رئيس الحكومة العراقية، وعضوية الدكتور فاضل الجمالي وزير الخارجية العراقي وآخرين إلى لندن لتعديل المعاهدة العراقية -   البريطانية سنة 1946م، اعتمد المكتب العربي في لندن كمكتب استشاري للوفد، وفي أمسية أحد الأيام أثناء المفاوضات العراقية -البريطانية، اجتمع أعضاء الوفد العراقي المفاوض مع العاملين في المكتب العربي، لأخذ رأيهم بموضوع في غاية الخطورة والأهمية، وخلاصته أن الحكومة البريطانية مستعدة للتخلي عن جميع التزاماتها لليهود في فلسطين، وإعطاء العراق الحق في تنفيذ مخططه في معالجة هذه القضية على أساس أن يكون كل ذلك مقابل أن تعطي الدولة العراقية بريطانيا امتيازات خاصة لاستغلال النفط العراقي، وامتيازات خاصة لإنشاء قواعد عسكرية، والاستفادة من استخدام القواعد العسكرية العراقية، ويقول وصفي التل أن بريطانيا تقدمت بهذا العرض بسبب عاملين: الأول، إصرار الحكومة العراقية أنه لا يمكن تطوير التعاون العراقي -  البريطاني ما لم تُحَلّ القضية الفلسطينية حلاً جذرياً يقبل فيه  العرب ويرضيهم. والثاني، رغبة الحكومة البريطانية، والحرب الباردة العالمية  بدأت تستعر، أن تطمئن على استمرارها بالسيطرة على النفط العراقي، والقواعد العسكرية في العراق القريبة نسبياً من الاتحاد السوفيتي من جهة، ومن جهة ثانية تحسين علاقتها مع العرب الذين يعتبرون قضية فلسطين قضيتهم المحورية.   


   ويقول وصفي التل أن رأي جميع أعضاء المكتب العربي وبدون أي استثناء،  أن أي ثمن يدفع ومهما كان باهظاً ومكلفاً مقابل حلّ القضية الفلسطينية حلاً يقبله العرب ويرضون به ثمن رخيص جداً،  ويقول  أيضا أن أعضاء الوفد العراقي كانوا متفقين مع أعضاء المكتب العربي في هذا الرأي، إلا أنه كانت لهم مخاوفهم، وخلاصة هذه المخاوف أن الأمر المتعلق بقضية فلسطين سوف يكون في ملحق سري للمعاهدة التي سوف تبرم  ولن يطلع عليه المواطنون العراقيون، أما الامتيازات المتعلقة بالنفط والقواعد العسكرية فسوف تحدد في مواد المعاهدة التي سوف يطلعون عليها، لذلك كان يخشى أعضاء الوفد العراقي من مظاهرات واضطـرابات مناهضة للمعاهدة وبالتالي للحكومة. 


 ويضيف وصفي التل:  أن أعضاء المكتب العربي أكدوا مرة ثانية أن الثمن الذي سوف يدفعه العراق مهما كان باهظاً سيظل تافهاً مقابل حّل القضية الفلسطينية حلاً يقبله العرب ويرضوا عنه.


  ويقول مبينا ذلك، بأن اليهود العاملين في وزارة الخارجية البريطانية مرروا إلى المنظمة الصهيونية العالمية الأمر المتعلق بالقضية الفلسطينية في مشروع المعاهدة العراقية -  البريطانية الجديدة، وهذه بدورها تحركت من خلال عناصرها المتواجدين في العراق، وبناء على ذلك، وقبل أن تناقش الحكومة العراقية مشروع المعاهدة العراقية  -  البريطانية الجديدة، والمعروفه بمعاهدة "بورتسموت"، قامت بمظاهرات صاخبة واضطرابات عنيفة في العراق،  أسقطت مشروع هذه المعاهدة وأسقطت الحكومة التي شاركت في وضع مشروعها.      ويختم وصفي التل بالقول :  " إن المعلومات التي نشرت فيما بعد عن معاهدة بورتسموت وإسقاطها تؤكد أن القوة الرئيسة التي أججت الشارع السياسي العراقي، وقادت المظاهرات والاضطرابات كان الحزب الشيوعي العراقي، وكان لليهود في هذا الحزب الدور الرئيسي والأساسي فيها".    



   وحول هذه المسألة ، قال لي والد زوجتي الأستاذ محمود بابان، وكان آنذاك رئيس المحكمة التي حاكمت قيادات المظاهرات والاضطرابات، "أن الأغلبية الساحقة من هذه القيادات كانت من اليهود العراقيين المنتسبين إلى الحزب الشيوعي العراقي".   



   بعد سنوات على ذلك، وعندما كنت وزيراً للإعلام أقمت للدكتور فاضل الجمالي، عندما زار عمان، حفل غداء في فندق الأردن، دعوت له عدداً من السياسيين والمفكرين والإعلاميين الأردنيين، وبعد تناول الطعام وأثناء شرب القهوة، طلبت من الدكتور الجمالي أن يسرد للحضور قصة معاهدة بورتسموت بكامل تفاصيلها. استجاب الدكتور الجمالي بسرور لطلبي، وسرد قصة المعاهدة التي لا تختلف عن القصة التي سردها  وصفي التل.  


    وأخيراً لا بد من أن أذكر أنه، عندما توفي الأستاذ صالح جبر، جاء في الافتتاحية اليومية التي كان يكتبها الأستاذ كامل مروة في جريدة الحياة البيروتية وتحت عنوان: "قل كلمتك وامش" ما يلي: "عندما تكشف عن جميع الأوراق المتعلقة بمشروع معاهدة بورتسموت، سيبكي العرب  صالح جبر كثيراً"، ومن المعروف أنه كان لجريدة الحياة ولرئيس تحريرها الأستاذ كامل مروة علاقات وثيقة بالقيادات السياسية العراقية في ذلك الوقت.
whatsApp
مدينة عمان