2024-05-16 - الخميس
الرحيلة تفتتح المعرض الانتاجي المهني والتقني ( انا الأردن ) في مدرسة منشية حسبان الثانوية المختلطة nayrouz العسعس: الحكومة لن تقترض هذا العام التزامًا بتطبيق قانون الموازنة وقانون الدين nayrouz رئيس الحكومة العراقية ينعى أمير عشائر بني حسن nayrouz قطاع الإسكان: المؤشرات غير مبشرة nayrouz انخفاض كبير على أسعار الذهب في الاردن nayrouz اتفاقية لتركيب أنظمة شمسية لمبان في بلدية السرحان nayrouz الشبول يفتتح معرض الرعاية الصحية الاردني الدولي الثالث nayrouz الحكومة تصوب خطأ ورد بالجريدة الرسمية nayrouz القوات المسلحة الاردنية تنفذ تدريبات على مكافحة الإرهاب والتهريب وتحرير الرهائن (صور) nayrouz القضاء يؤيد النيابة العامة بتوقيف معلمة ضربت طفلا من ذوي الإعاقة nayrouz بالصور ... القوات المسلحة الأردنية تنفذ 3 إنزالات جوية nayrouz بيان هام صادر وزارة الخارجية السودانية . nayrouz نتنياهو يشبه تظاهرات عائلات الأسرى بحراك الجامعات الأمريكية nayrouz بمبالغ ضخمة.. تقرير يفضح النهج الإيراني لتصفية معارضيها في الخارج nayrouz مصادر: مصر رفضت آلية إسرائيلية مقترحة لإدارة معبر رفح nayrouz وثائق إسرائيلية: "شاباك حماس" يزرع جواسيس داخل "الجهاد" nayrouz ما قضية "الإبادة الجماعية" المرفوعة ضد إسرائيل؟ nayrouz "زيارة وداع".. ميدفيديف يسخر من وصول زيلنسكي إلى خاركيف nayrouz وحدة الإصابات والحوادث تقيم اليوم العلمي الدولي الأول لأبحاث الإصابات والحوادث...صور nayrouz الرئيسان الروسي والصيني: علاقات بلدينا ليست موجهة ضد أحد وتفيد السلام والرخاء في المنطقة والعالم nayrouz

احالتني الدولة على التقاعد بناء على طلبي والحمد لله... مدير عام دائرة الاثار

{clean_title}
نيروز الإخبارية :


كتب يزيد عليان _مدير عام دائرة الاثار العامة السابق 

لمن يقرأ العبارة اعلاه دون ان يعرف من هو الشخص الذي احيل على التقاعد يمر  عليها مر الكرام وقد لا تستوقفه
كما ان الذي كتبها قد لا يعني بها اكثر من ان يعلن عن حالته الوظيفية التي وصل اليها
لم اكن اعلم ان التقدم بطلب التقاعد يمكن ان يجر على صاحب الطلب ضغوطا كالتي مرت علي انا خلال اليومين الماضيين والتي ستمر خلال الايام القليلة القادمة
لم اكن ارغب بكتابة عاصفة المشاعر التي اجتاحتني واجتاحت كل من حولي بمجرد صدور قرار الاحالة واعلانه بالصحافة وبالاذاعة وبالاعلام
كنت قد كتبت عن مشاعر المصاب بالكورونا وبالظروف النفسية والاجتماعية التي يمر بها المصاب، وقد علق الكثير على تلك المقالة لدرجة انني اصبت بالخجل لانني اوضحت اخلاط المشاعر المكنونة التي تصيب المريض  لدرجة انني اخفيت البوست اكثر من مرة وعدلت عليه 
ولكن موضوع وصف الحالة التي يمر بها من كان يتبوأ منصبا كالمدير العام لحظة احالته على التقاعد يحتاج الى مجلد من الورق وساعات كثيرة للكتابة كي يستطيع صاحب هذه التجربة ان يغطي كل الجوانب النفسية والاجتماعية والوظيفية والاسرية والمالية وخاصة اذا كان صاحب هذا المنصب هو نفسه الذي طلب احالته على التقاعد
طبعا قد يتساءل الانسان هذا السؤال :
اذا كان فلان مواطنا عاديا كملايين المواطنين فهل اذا كان مديرا عاما او وزيرا هو نفسه المواطن العادي
الجواب بكل تأكيد     لا   
هذا ما وصلت اليه تجربتي بعد ان كنت تلميذا بالمدرسة ثم طالبا بالجامعة واختياري لتخصص الاثار بالدراسة لانها الاقرب الى هواياتي الفنية والاقرب الى طبعي المحب للبحث والتحري ثم تخرجي وانضمامي لخدمة العلم العسكرية لمدة سنتين ثم عيشي حياة البطالة وعملي في المصانع كعامل وعملي كمندوب مبيعات ثم تعييني موظفا بدائرة الاثار براتب 85 دينار شهري على حساب المشاريع قبل ثلاثين سنة، عملت بقسم الجبصين الذي كان ينتج القوالب والنماذج المشابهة للقطع الاثرية الاصلية، وامضيت بعد ان تم تصنيفي اكثر من 25 سنة بالميدان وبالحفريات والمسوحات الاثرية حيث وفقني الله لاكتشافات كثيرة خلال عملي اهمها مجموعة من النقود الذهبية التي سلمتها بكل امانة جعلتني اكثر الموظفين شهرة بين الزملاء واكثر خبرة واكثر تميزا بينهم وهو ما رشحني دائما للمشاركة بادارة اهم المشاريع بالدائرة ثم رشحني لاستلام بعض الاقسام والمديريات خلال سنوات الخدمة ثم لان اكون مساعدا للمدير العام السابق ثم مديرا بالوكالة ثم الفوز بمنصب المدير العام بعد تحقيق شروط المنافسة على هذا الموقع المتقدم بالدولة  
طبعا لا مجال لذكر التفاصيل خلال العمل الميداني الذي كان يضطرنا في كثير من الاحيان للاقامة في الصحراء عشرات الايام وكانت حياتنا تمر باخطار كثيرة وتحديات لا يمكن تجاوزها اذا لم يتقن رجل الاثار مهارات اجتماعية وعلمية وفنية كافية لاخراجه سليما من تلك التحديات التي تواجهه 
قد لا تحتمل هذه المقالة وصف اللحظات والاوقات التي تمر على الاسرة والعائلة والاصدقاء  وعلى المرشح لمنصب المدير العام منذ اوقات المنافسة وحتى صدور النتيجة باسم الفائز ولكن هي خليط من الامل والرجاء والقلق والتفكير الدائم والاتصالات المستمرة  
المهم هنا انه لا بد من وصف الظروف التي تأتي بعد لحظة اعلان انك انت المدير العام
التلفون يغرق بالعرق من كثرة استقبال اتصالات المهنئيين
البنوتات الصغار يتنططن بالبيت وهن يستمعن الى لهجة الفرح التي تتحدث بها الام مع اهلها مفتخرة بانجازات زوجها الفائز بالمنصب
الجد يفتخر ويهنئ ويقول هذا لا يكفي لا بد من منصب الوزارة والجدة تعاتبه بضرورة حمد الله وان الطمع لا يفيد
يترجرج الخلوي برسائل الواتس اب والماسنجر مع صوت الطنين معلنا تهنئة احد الاقارب او احد الاصدقاء 
تستمر التهاني عبر الهاتف حتى الواحدة ليلا وتستمر الرسائل حتى الصباح
عند منتصف الليل تأتي مكالمة مدير المكتب متسائلا متى يحضر السائق للمنزل ليتم توصيلك الى الدائرة فتبدأ اول الفروقات بين الموظف العادي او المساعد وبين المدير العام
تأتي السيارة في موعدها وهي سيارة سوداء ويركض السائق لحمل الحقيبة او المعطف او اي شيء بيدك
تصل الدائرة فيركض اليك المراسل مهنئا ويحمل الحقائب والمتعلقات ويسير خلفك وانت لا تكاد تعرف على من ترد من الموظفين المهنئين حتى تدخل المكتب
تنهال عليك الهواتف الارضية والخلوية بالتهنئة وتبدأ رحلة الالف ميل مع كافة الطبقات بسبب تداخل واجبات الوظيفة مع المجتمعات المحلية المنتشرة حول مشاريع الدائرة والمواقع التابعة لها
جميع الاسئلة التي توجه اليك تجد لها اجابة  إلا  سؤوالين وهما: كم اصبح راتبك الان؟ ومن كان وراء فوزك بالمنصب ؟
كل شيء يبدأ بالتغير يوما بعد يوم نظرة الزوجة اليك والجيران والاقارب والاصدقاء والانسباء والموظفين ، كل شيء يصبح مغلفا بنظرة الاحترام والاهتمام
تبدأ الان بالعناية بالملابس والاناقة وتلميع الذقن وتصفيف الشعر وتجتهد بالبحث عن ربطات العنق لتستطيع مواكبة الاجتماعات اليومية التي ستكون على مستوى الخبراء الاجانب والمحليين وعلى مستوى الامناء العامين والوزراء
ثم تبدأ تتقن فن المجاملات وادارة الحوار والوقت وتصبح دقيقا بكل شيء وتصادر اوقات الاسرة واوقات الراحة والنوم الى حساب الدوام والاجتماعات بالدوام وما بعد اوقات الدوام والى متابعة البريد وتوقيعه والزيارات الميدانية والسفر المستمر بالمؤتمرات وورشات الحوار وتمثيل الدولة بالاجتماعات وتوقيع الاتفاقيات 
لم تعد مواطنا عاديا ولن يكون لديك الوقت كالسابق عندما كنت تنزل الى وسط البلد للبحث عن قميص او حزام او بربيش لمكنسة الهوفر او الدخول الى سوق البخارية بحثا عن مقص للشعر او بكلة مطاطية للبنوتات الصغيرات 
الحياة تتغير وتصبح منهمكا بالعمل وفي رأسك ثمانين قضية قد تتابع منها عشرين قضية باليوم فهذا يريد ثمن ارضه المحجوزة منذ عشرين سنة لاحتوائها على بقايا اثرية، وهذا يريد التعيين بسبب تخرجه قبل خمسة عشر عاما، وهذا يريد تغيير مسماه الوظيفي، واليونسكو يطلبون تقارير حالة الحفاظ، ومدير الحركة يطلب الموافقة على افرهول البكب الفلاني، والوزارة تطلب احصائية عاجلة،  والنائب الفلاني يريد تشغيل خمسة عمال على مشروع كذا، والصحافة تريد معلومة عن الاكتشاف الجديداو ردا على شكوى احد المواطنين، والمحكمة تريد شهادة خبرة عاجلة بمضبوطات اثرية، والسفير الفلاني يريد زيارة احد المشاريع التي تدعمها حكومته ولا بد من مرافقته، 
المهم ان حياة المدير العام تتغير وتتبدل اوقاته الشخصية وتصادر الكثير من خصوصياته الى خصوصيات اكثر شمولا وارتباطا بطبيعة المنصب
كل التغيرات التي تطرأ على حياة المدير العام يقابلها تغيرات هرمونية بالدماغ، فالسلطة والنفوذ والزيادة بالراتب تطلق هرمونا من الدماغ يتسبب بالشعور باللذة والزهو وهو ما يجعل المسؤول او المدير العام يلتصق بالكرسي ويخشى عليه بل ويستميت بالحفاظ عليه 
ماذا يحدث عند طلب الاحالة على التقاعد طواعية ؟
لا اعرف كيف يكون الحال اذا احيل صاحب المنصب الى التقاعد عند بلوغه سن الستين او اذا احالته الدولة فجأة لانني لم اجرب بنفسي وانما كنت اسمع من البعض ما يحل بهؤلاء الاخوان من شعور بالاسى ومن تبدل بالاحوال المالية والاجتماعية
ولكن المسؤول او المدير العام الذي يحيل نفسه على التقاعد قبل اوانه بعدة سنوات يتعرض لعاصفة من الانتقادات واللوم الشديد من كل من هم حوله، فلا احد يصدق هذا الامر وتنزل الاخبار على المقربين كالصاعقة
الارجح ان صاحب المنصب له حساباته وكل من هم حوله لهم حساباتهم  الاخرى كما ان ثقافة التخلي عن السلطة او المناصب غير موجودة اصلا ومستهجنة ولا يوجد حالات للقياس عليها ولذلك يبقى الجميع في حيرة من امرهم وتراودهم التكهنات
هل حصل خلاف بين المسؤل والوزير؟ هل المسؤول سينتقل الى منصب اخر؟ هل هناك شيء مخفي وقضايا غير معلنة؟ هل المسؤل فعلا قدم استالته طواعية وترك المنصب وهو بكامل قواه العقلية؟
ثم تبدأ المكالمات تنهال على الهاتف ويبدا الصراخ من اقرب المقربين بالاحتجاج على هذا السلوك وتنقلب حال الاولاد والعائلة الذين كانو يتنططون فرحا عند التعيين بالمنصب الى عزاء وبكاء، وتبدأ العشيرة بالتذمر واللوم لهذا القرار ويبحثون عن اي ضغوطات اقد تكون اجبرت ابنهم على ترك منصبه لرفعها عنه ولكن خيبة الامل تأتي عندما لا يجدون اي سبب يركب على دماغهم، انها نفس الحالة التي مررت بها عندما قمت بتسليم المسكوكات الذهبية التي عثرت عليها قبل 24 سنة حيث لم يبق قريب او بعيد إلا وعاتبني كيف اقوم بتسليم الكنز للدولة والتخلي عن فرصة الغنى وتطليق الفقر؟ انها نفس المشاهد تتكرر 
ثم تبدأ الرسائل المهنئة بالسلامة والتشجيع على القرار من المحبين والمقربين بينما تاتي الرسائل الاخرى محملة بالبوستات والمنشورات المليئة بالتشفي والذم لهذا المسؤول وعلامات الفرح على صورهم وحالاتهم
طبعا المسؤول متفاجئ من ردات الفعل التي لم يحسبها ، هل كان فعلا  يجلس على كنز وتخلى عنه؟ هل كان صاحب حظوة وفرط بها بكل هذه السهولة؟ هل افكاره المثالية بان يفتح مجالا للاخرين للعمل مكانه بعد ان استنفذ جهده لثلاثين عاما من العمل المتواصل؟ هل كان بالامكان فعلا كما يقولون البقاء بالمنصب 6 سنوات اخرى حتى يصبح وزيرا او برتبة وزير فتتضاعف المكتسبات؟ هل قراره عرض اسرته للاحراج من مواجهة المجتمع بعد ان صار مواطنا عاديا؟
طبعا تأتي الفروقات تباعا ومتواليه فالزوجه مغمومة ومحتارة والبنوتات في بكاء وقلق ويتلمسن والدهن هل هو حي كما يعرفنه ام ماذا حصل له بالضبط؟ الجيران يضربون كفا بكف ويقولون سنفقد السيارة السوداء من ساحتنا كانت تهيب على الحارة، وبعض الزملاء بالمؤسسة يبدأون بطقوس الوداع والسلام والفراق وييبدأ موظفي المكتب والمراسلين التخطيط لنقل متعلقات المدير الى المنزل ويحضرون الكراتين كما يحصل دائما مع كل مدير لوضع ملفاته الشخصية وكتبه فيها بانتظار لحظة الصفر ، وكنت اتمنى لو ان لدي وقت لشراء صناديق اكثر تحضرا من الكراتين لاغير هذه الثقافة بترك المسؤل لمكتبه ولكن يبدو ان المراسلين يحفظون الدرس وهم في عجلة من امرهم حتى لا يغضب المدير القادم من عدم ترتيب المكتب الذي يضم كرسي السلطة
المهم تبدا الاسئلة حول شخصية المسؤول القادم وكيف ستكون خارطة التنقلات وترتيب المناصب في المؤسسة وينهمك الجميع بالبحث في المرحلة القادمة بينما ينهمك المتقاعد بترتيب حياته التي بدأت تتغير، هل سيحتاج الى شراء سيارة جديدة ام سيرجع الى سيارته العتيقة وهل سيغير هواتفه وعناوينه اتقاء الاحراج الذي بدأ يطاله لتغير الناس معه وتغير منظره ، هل سيضطر لقبول احتفالية الوداع التقليدية التي تختم مسيرته وتعلن تجرده من كافة الامتيازات والسيارات والمراسلين والاوامر والسلطة والمواعيد المرتبة والدعوات المنمقة وتوصيله الى المنزل للمرة الاخيرة، وهل سيضطر الى البحث عن امراضه ليستفيد منها بزيادة راتبه التقاعدي
المشكلة ان هذه الاسئلة لا يملك المتقاعد فرصة الاجابة عليها لان كل شيء يمشي بروتين متكرر يحفظه موظفي الموارد ومدير المكتب والسكرتارية والمراسلين وسواقي الحركة ، فكتب اللجان الطبية مطبوعة وجاهزة وبراءة الذمة اصبحت بالملف وتسليم عهدة المكتب تمت والكراتين اصبحت بالمنزل وساعة الاحتفالية ترتبت ونزلت على جدول معالي الوزير وكل شيء اصبح جاهزا للتحول الى الحياة التي تشبه الحالة التي كانت قبل ثلاثين سنة عندما اشتغلت على حساب المشاريع بـ 85 دينار بالشهر مع بقايا هالة من احترام من بعض الزملاء  
مرة اخرى تستطيع الاجابة على كافة الاسئلة وان تبرر لماذا احلت نفسك على التقاعد ولكنك لن تستطيع الاجابة على سؤالين : كم اصبح راتبك الان بعد التقاعد؟ وكم هي قيمة المكافأة التي ستحصل عليها؟ وجاءت لحظة الحقيقة التي اكدت انك فقدت شيئا يحبه الناس عندما تبدأ بوداع الموظفين في بهو الاستقبال الذي يضم صور المدراء السابقين فيصيح مدير الموارد: عطوفتك نسينا حتى الان وضع صورتك معهم ارجو ان ترسل لنا صورة مناسبة لوضعها هنا وراء صور اصحاب العطوفة السابقين وسنطلب من الخطاط ان يضع اعوام الخدمة من 2018 وحتى 2021 لا تقلق وستكون الصورة ذكرى لبناتك واحفادك اذا زارو الدائرة، عندها تتأكد انك فقدت كامل الامتيازات وستكون سلطتك الوحيدة في منزلك وعلى البنوتات الصغيرات فقط
والحمد لله رب العالمين على ما اعطى وعلى ما قدر وهدى

احالة مدير عام الاثار العامة يزيد عليان الى التقاعد - صحيفة الرأي
http://alrai.com/article/10573951/محليات/العاصمة/احالة-مدير-عام-الاثار-العامة-يزيد-عليان-الى-التقاعد