تقرير بسام البدارين القدس العربي - تتلاعب عمليا اعتبارات الحراك الشعبي وتداعيات طوفان الأقصى في الداخل الأردني بأجندة وتوقيت ملف الانتخابات في البلاد في الوقت الذي لا يبدو فيه أن تجربة الأحزاب السياسية نضجت بما يكفي للمشاركة في الانتخابات بدون حساسيات أو تنافسات محرجة يمكن أن تسيء لاحقا لمسار تحديث المنظومة السياسية.
التيار الإسلامي الأردني وهو فاعل كبير بالملف الانتخابي ليس من الحكمة أن تجرى الانتخابات بدون مشاركته حكوميا، وليس من الحكمة بالمقابل أن يقاطعها هو محور أساسي في نقاش ملف الانتخابات في الأردن.
الانطباع كان وقبل بروز حملة غير مفهومة وترعاها بعض الجهات لشيطنة الحراك الشعبي ومعه الإخوان المسلمين، كان أن الانتخابات جارية وستعقد قبل نهاية العام الحالي فيما التصعيد في ملف الحراكات الشعبية الداخلية والاتهامات بوجود بوصلة أقليمية تستثمر فيها من المؤشرات التي تبجل هذا الانطباع وتجعل تنظيم الانتخابات قبل نهاية العام الحالي مسألة صعبة وشائكة.
لكن لا يوجد برأي رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي الذي سمعته مباشرة «القدس العربي» ما يعيق ضمن الاستحقاق الدستوري.
ووفقا للصفدي الاستحقاق التحديثي الوطني ماض في وقته وسقفه ولا يتأثر بما يحصل في الإقليم.
لكن التيار الإسلامي وهو من أبرز الفاعلين انتخابيا لديه وجهة نظر تؤمن بأن الانتخابات بالمقابل ليست أولوية بل المعركة في غزة في رواية تقول إن «معركة الأشلاء ومخاطر ما يجري على الأردن هو صلب الاهتمام الوطني الآن».
وقد عبر قادة أساسيون في الحركة الإسلامية عن هذا الترتيب في الأولويات من بينهم الشيخ مراد العضايلة والشيخ محمد عقل وآخرون.
وما تظهره المجسات الرسمية بالمقابل هو الارتياب بأولويات الإسلاميين مع بروز وجهة نظر تسعى إلى تصميم هندسي للانتخابات يضرب عصفورين في حجر واحد وهما في الشكل والمضمون الإجرائي أكبر قدر ممكن من النزاهة وإبعاد التدخل وتحييد المال السياسي.
ومن حيث النتائج العصفور الثاني هو تمكين أحزاب الوسط المحسوبة على الموالاة والتي سبق أن وصفها الشيخ سالم الفلاحات بأحزاب الأنابيب، من الصمود والاشتباك والولادة الطبيعية الناضجة قبل الانتقال إلى دور الأحزاب في قيادة العمل التشريعي.
تلك مهمة أساسية لكنها ليست سهلة برأي النائب يزن شديفات الذي يعبر عن قناعته بأن العبور بانتخابات إيجابية واجب الجميع. والإيجابية بهذا المعنى مطلوبة حسب القيادي في حزب الميثاق الوطني محمد الحجوج الذي قدر بأن السلطات الرسمية وقوى الأحزاب والشارع عليها العمل معا لإظهار الجدية في الارتقاء إلى مستوى الرؤية المرجعية المعنية بتحديث المسارات.
يضم الحجوج وفي نقاش مع «القدس العربي» صوته إلى القائلين بإنضاج التجربة ولو بالتدريج وعزل الموسم الانتخابي عن المؤثرات والصوتيات والمدخلات الجانبية أو التأثيرات الإقليمية، مؤكدا بأن الانتخابات تحتوي الأزمات عندما تكون عادلة ونزيهة ولا تصنع الأزمات أو تنتجها.
تبدو مقاربة الحجوج والكثير من الشخصيات الوطنية المهتمة بالانتخابات في مقايسات الإسلاميين خارج النطاق والصورة والتأثير، فالهجمة بعنوان شيطنة الحراك الشعبي على القوى الأساسية ومقتضيات التكيف والتطبيع والاعتقالات التعسفية وتقييد حريات التعبير، كلها عناصر في بناء مشهد سلبي من تصورات مسار تحديث المنظومات في قياسات الشيخ العضايلة وأدبيات حزبه مؤخرا.
والانتخابات حتى تنجح وتخدم مسارات «التحديث» عليها ان تجري في «مناخ ملائم».
لكن ملائم لمن بصورة محددة؟ لا أحد يعرف الإجابة بعد.
لذلك يمكن القول بأن المناخات المحلية خصوصا بعد الأجواء المحتقنة التي رسمتها بيانات ومقالات وسط الأردنيين وعادت فيهم إلى مستودع ذكريات حزينة من الماضي خطوات لا يبدو أنها تشجع المكونات الاجتماعية الأردنية على فهم والتقاط الرسالة وراء رؤية التحديث والانعكاس بذلك في النتيجة على الاهتمام بالانتخابات والإقبال على صناديق الإقتراع.
لا توجد لا قرائن ولا أدلة على أن فكرة تأجيل الانتخابات تكسب مساحات إضافية داخل دوائر القرار.
لكن الانطباعات تتراكم بالمقابل بان عملية العبث بورقة الحراك الشعبي التي برزت مؤخرا أعادت تكريس القناعة بان الأشياء لم تتغير بعد.
وبأن المنهجية القديمة في إدارة الأمور لا تزال نافذة وصلبة وقوية ويمكنها إحداث أي خلل في أي وقت لأغراض صغيرة تكتيكيا بين الحين والآخر، الأمر الذي يؤثر حتما وحكما على سمعة أي انتخابات قبل عقدها خلافا لأنه يخرج الانتخابات المقبلة عن سياقها في إعادة توحيد الصف الداخلي نحو خطة قال الإسلاميون وغيرهم في المعارضة انه يمكن البناء عليها. ولهذا يمكن القول بالخلاصة أن مناخات التحريك التي خططت لتحجيم وتقويض الحراك الشعبي وبالغت في الحديث عن مؤامرات خارجية من دون ذكر تفاصيل للشارع، من العناصر التي قد تعيد إنتاج فكرة «عقد الانتخابات في نسختها لعام 2024 في وقتها الدستوري المحدد».