2024-05-16 - الخميس
مطالبات على مئات الأردنيين (أسماء) nayrouz السقاف تدعو رجال الاعمال الاتراك للاستثمار في الأردن nayrouz اليوم أحمد السقا في إستضافة إنجي علي فى برنامج أسرار النجوم علي نجوم FM nayrouz رئاسة الوزراء: الأردن ملتزم بتعزيز منظومة حقوق الإنسان nayrouz ورشة تدريبية حول جائزة الحسين بن عبد الله الثاني للعمل التطوعي nayrouz البطوش تكتب سجن الشاشات الإلكترونية...خطر يهدد طفولة أبنائنا nayrouz راصد يطلق شبكة التمكين الاقتصادي للمرأة في الأردن nayrouz لجان خدمات المخيمات تثمن خطاب الملك في قمة البحرين nayrouz الأشغال وغرب إربد تبحثان إعادة تأهيل الطرق بمناطق البلدية nayrouz بلوبرينت العقارية ومطور العقارات البريطاني بيركلي جروب في الأردن الإثنين القادم. nayrouz الملك يعود إلى أرض الوطن بعد مشاركته في القمة العربية nayrouz القادة العرب يعتمدون المبادرات البحرينية المقترحة في القمة العربية nayrouz الملحق الثقافي السعودي يزور جامعة العلوم الإسلامية العالمية...صور nayrouz الماضي يكتب لاتخدشوا هويتنا الوطنية nayrouz اربد.. الزام صاحب بناء مهجور باستكمال متطلبات السلامة العامة لهدم البناء nayrouz الرحيلة تفتتح المعرض الانتاجي المهني والتقني ( انا الأردن ) في مدرسة منشية حسبان الثانوية المختلطة nayrouz العسعس: الحكومة لن تقترض هذا العام التزامًا بتطبيق قانون الموازنة وقانون الدين nayrouz رئيس الحكومة العراقية ينعى أمير عشائر بني حسن nayrouz قطاع الإسكان: المؤشرات غير مبشرة nayrouz انخفاض كبير على أسعار الذهب في الاردن nayrouz

أعلام من الطفيلة:الشيخ المناضل لطفي الحوامدة رحمه الله

{clean_title}
نيروز الإخبارية :
بقلم : يوسف المرافي

قائد صنديد ، كيس العقل ، حصيف المال ،كبير القوم، غزير المعاني، حكيم الموقف ،سديد الرأي ذات شخصية متزنة، صابرة على الظلم حليمة عند الشدائد، مترفعة عن صغائر الأمور و سفاسفها ، فلا تثيره جعجة القوم و لا قلة حشمة من يحدثونه ، يلبي طلب الصغير و الكبير ، فلا يرد أحدا يطلبه و لا ينحاز لقريب ليخدمه ، إنما ينحاز إلى الأمة العربية ، يقف مع الجميع على مسافة واحدة لا تغيره الظروف وأسودادها و لا تحبط من عزائمه نوائب الدهر و منغصات الحياه ، لا يفتر نشاطه و لا يخبت أنواره و لا يذبل نواره ، مضيئا في مدرسته ، يحن على طلابه و يعاملهم كمعاملة الأب  الحنون لأبنائه و يشار له بأطراف البنان .

 هو عملة نادرة ما احتوته سيرته من درر ، ومجوهرات، ولآلئ، فهو صعب عن بعد ، سهل عن قرب ، عندما تراه من بعد يعطيك احساسا بالقسوة ، وعندما تقترب منه يتدفق الحنان و العطف و اللطف منه ، و سهولة تلبية الطلب دون تمييز ، و يعطيك شعورا بهيبة هذه الشخصية و عظمتها ، ظاهرها توحي بصعوبة التعامل معها ، و في باطنها الرقة والدفء و اللين و الود حين التعامل معها،  يا لها من شخصية عظيمة ! كما أن سيرته تشعرك بأنه مهيبٌ مجيدٌ ومناضلٌ عروبيٌ ومكافحٌ وطنيٌ و موسوعي في ثقافته يداوم على القراءة بإستمرار و يعرف بسعة الإطلاع في مختلف المجالات .

وصف بالشيخ الحكيم ذات البصيرة النافذة و التواضع الجٌم  و الحِلم الكبير ، المعروف في حكمته و شجاعته و صبره في المواقف الصعبة و تحمل الأذى بما يوجه إليه،  ينطبق عليه بيت الشعر القائل : 
 كنْ كالنخيل عن الأحقاد مرتفعا 
                                         يُرمى بصخرٍ فيُلقي أَطيبَ الثمرِ

يعتبره البعض بشخصية ذات خبرة كبيرة في مختلف المجالات ، لخبرته الواسعة في الإدارة و التعليم ؛ كونه واحد من أقدم مدراء المدارس في الطفيلة ، صاحب فكر سياسي من الطراز الرفيع للغاية ؛ كونه من مؤسسي حزب البعث العربي الإشتراكي في الطفيلة، ذا الصيت الذائع في إصلاح ذات البين ، كونه شيخٌا مفوها ذا هيبة و وقار  ،يرأس مجلس عشائر الحوامدة في الطفيلة و خارجها ، فقد كان  يترأس جاهات الصلح في الطفيلة و خارجها ، كونه يعسوبُ في قومه من الرعيل الأول القديم جدا ، و أحد أبرز أعلام الطفيلة القدامى ممن يمتلكون لسانا دافئا لا يضع الكلمة إلا في نصابها ، يزنها قبل أن تتهادى من فيه ، يستمع للكبير وللصغير  فلا يرد أحدا يسأله و لا مستغيثٌ يطلبه .  

يصنفه البعض بقامة تربوية وطنية عشائرية حزبية إجتماعية تطوعية من النسق الفخم ، تجمع ما بين القيادة العشائرية و  القيادة السياسية ، تميزت بالمثابرة و الجهد في العمل الوطني و  العمل العشائري ، من المستوى الرفيع للغاية ،  يجيد في صيد جواهرها و يعسوبُ في رحيق معانيها و تنوع فروعها  ، تميز بشخصيته الوطنية ذات البعد الإجتماعي و التربوي والسياسي .
 
 درس في دار المعلمين في رام الله ، عين عام ( ١٩٥٥ )  في الشوبك / جنوب الأردن قرية مخطوب  معلما ، أي قبل زهاء (  ٦٨ ) عاما وهو من مواليد  عام (  ١٩٣٧ ) وله من الأبناء( ٤) والبنات (٧) صخر ،معاوية ،أمية ،صفوان ، سمر ، سحر، سناء ،وفاء ،صفاء ضياء ، دعاء ،  حيث توفي عام (   ٢٠١٢ ) و تزامنت وفاته مع وفاة الشيخ عبدالله العوران-  رحمهما الله - حيث  شهد ذلك اليوم  أجواء غريبة من غبرة و تغير في الطقس و أمطار  غزيرة و كأنها تشارك الحزن على فراقهما،  و الله تعالى أعلم .

يقال بأنه كان يذهب إلى مدرسة صنفحة الإبتدائية مشيا على الأقدام عندما كان معلما في قضاء الطفيلة التابع للواء الكرك آنذاك ، برفقه التربوي  الراحل ابراهيم القطاطشة رحمهما الله ، فقد كان  يعامل الطلبة كمعاملة الأب لابناءه حريصا عليهم ، يحثهم على الدراسة شديد في مواقف الشدة ، ولينٌ في أوقات اللين  ،  فهو ليس بالصلب فيكسر وليس باللين فيعصر ، بينما كان يذهب إلى الشوبك و القادسية و السلع راكبا على فرسه في عمله في قطاع التربية  .

 كان يطلب منه من أبناء عشيرة الحوامدة من هم متواجدون في محافظات إربد و جرش و الكرك و المفرق و ذيبان و ناعور لترأس و المشاركة في كثير من جاهات الصلح بحكم أنه كبير عشيرة الحوامدة في الأردن ، و رجل تربوي مخضرم ، تشهد له ميادين التربية والتعليم في الأردن و  خارجها  ، فهو قدوة يحتذى في الإخلاص و التفاني ، و صاحب مقام عالٍ رفيع في الطفيلة و خارجها ؛ فهو  يحظى بإحترامهم و تقديرهم ، مما جعله يكون أحد أعمدة عشائر محافظة الطفيلة البارزين ممن تركوا تاريخا مشرفا تذكره الأجيال بأنه قامة عشائرية معروفة على مستوى الوطن و شيوخ العشائر في الأردن و سياسي محنك من النسق الفخم ؛ كونه حزبي قومي عربي معروف من مؤسسي حزب البعث العربي الاشتراكي ابتداءً من عام ( ١٩٥٤ ) حتى عام ( ٢٠١٢ ) .

عاش معظم حياته متطوعا في العمل السياسي و العشائري و الإجتماعي ، فقد كان يترأس أغلب جاهات الإصلاح  في الطفيلة و خارجها ، نظرا للسمعة الطيبة التي يحظى بها في  الأردن و خارجه . 

كان حكيما مفوها ،و علما جريئا ، عاش بداية حياته في ظل ظروف تربوية و سياسية و معيشية صعبة كانت تعيشها الطفيلة في تلك الحقبة . 

إنتسب لحزب البعث العربي الإشتراكي عام ( ١٩٥٤ ) و كرس حياته للعمل التطوعي و الإجتماعي و السياسي و العشائري و لكنه لم يسع في يوم من الأيام أن يكون له موقعا وظيفيا في الحزب ، و دائما ما يشرف على تنظيم المجموعات الحزبية ، و لا يطلب أكثر من ذلك ، فقد كان متواضعا ، حيث يتصف بالإيثار؛ و يعني تفضيل غيره على نفسه ، حيث كان دقيقا في عمله،  و يستمع إلى أدق الملاحظات و أي نصائح و لو كانت من أصغر الناس سنا وقدرا ، فقد كان يعمل و كأنه عسكري محنك .

كان مكتب الحزب لا يستطيع دفع أجرة مراسل في المكتب ، فكان الراحل يقوم بكل شيء من تلقاء نفسه من تنظيم المكتب و تنظيفه و تجهيزه للإجتماعات و الندوات، كما يقوم بكرم الضيافة من جيبه الخاص رغم أنه كان كبيرا في السن مقارنه بغيره،  توفي المناضل الكبير عام ( ٢٠١٢ ) في جنازة مهيبة شارك فيها الآلاف و كان وقتها عضوا عاما في الحزب و عميد عشيرته التي أحبها و أحبته،  حيث تعتبر من العشائر الكبيرة في الأردن لإنتشار العشيرة في عدة محافظات .

كان - رحمه الله - بمنزلة المعلم الوفي و المربي لطلابه و القائد للعاملين معه و الأب الحنون لأسرته التربوية .

في عام ( ١٩٥٥ ) تم تعيينه  معلما في قرية أبو مخطوب في الشوبك ، حيث أمضى فيها سنة واحدة ، ثم بعدها انتقل عام ( ١٩٥٦ ) مديرا لمدرسة ضانا في الطفيلة و أمضى فيها ثلاثة سنوات .

و في عام ( ١٩٥٩ ) انتقل مديرا إلى مدرسة بصيرا ،بعدها  عام ( ١٩٦١ ) انتقل مديرا إلى مدرسة السلع و تزامل في ذلك الوقت مع الراحلة هدى القطاطشة التي كانت مديرة مدرسة البنات في ذلك الوقت ، بعدها عام (١٩٦٤ ) انتقل مديرا إلى مدرسة صنفحة، حيث تزامل مع الراحل ابراهيم القطاطشه و مناهي العوران . 

و في عام ( ١٩٦٨ ) إنتقل مديرا  إلى مدرسة عيمة، و أمضى فيها (٥) سنوات و ساهم في تأسيس صف الأول ثانوي ، حيث كان أبناء عيمة يحبون الدراسة لدرجة كبيرة ، و كان الراحل الحوامدة يشجعهم كثيرا على الدراسة و إكمال تعليمهم ، وكانت المدرسة تضم نخبة من المعلمين الأفاضل:  خالد عواد و عبدالسلام عواد و عبدالله رعود و محمد سليم عواد و ماجد العكايلة و تخرج من المدرسة معالي الدكتور صبري ربيحات ومعالي الدكتور راتب السعود و  المهندس نعيم السعود و  د. سلطان العكايلة ، حيث تربطهم علاقة وطيدة بالراحل الحوامدة ، حتى أن البعض منهم ما زال يتصل مع إبن الراحل صفوان و يحدثه عن مناقب المرحوم وصفاته الجليلة؛  كون الراحل كان مديرا عليهم في مدرسة عيمة ، فقد كان يشارك الناس أفراحهم و اتراحهم و كان الناس في عيمة يعتبرونه ملاذا يلجاْوون إليه وقت الشدائد .

وفي عام ( ١٩٧٢ ) انتقل مديرا لمدرسة الطفيلة الإبتدائية حيث استلم الإدارة من الراحل سيف العطيوي  الذي استلم الطفيلة الاعدادية وكانت المدرسة جامعة لجميع الطلبة في ذلك الوقت، ثم في عام ( ١٩٧٣ ) مديرا لمدرسة الطفيلة الإعدادية ، حيث مرة أخرى استلم الإدارة من الراحل سيف الدين العطيوي حتى تقاعده عام ( ١٩٧٥)، و كانت المدرسة في عهده تضم نخبة من المعلمين الأكفاء منهم : علي عثمان الربيحات أطال الله في عمره ، مسلم الزغاليل مساعدا شافاه وعافاه ، والرحلون هم : صبحي العكايلة، صالح السعايدة ، خليل القطاطشة، زعل زنون، رحمهم الله 

يصف البعض الراحل - رحمه الله - بأنه ذكي، و حاذق، و محاور بارع من طراز لا نظير له ، تميزه بالرزانة و الدقة أثناء عمله معلما و مديرا قبل عقود ، فقد كان مدير مدرسة على درجة عالية من الحكمة والبصيرة و الدراية و إلمامه بأساسيات أدب الحوار و النقاش ، خصوصا أنه أمتلك شخصية على مستوى عال من  الثقافة أهلته أن يكون من الذين استطاعوا إثبات قدرته على قيادة العملية التعليمية في مدرسته بكل جدارة و استحقاق .

كان يُضرب به المثل في إدارته الحكيمة في إدارته التربوية للمدارس التي عين فيها مديرا ، فقد كان- رحمه الله -ملتزما بعمله في إدارة المدارس التي أدارها و أحبها واحبته لا يغادرها إلا عند الضرورة ، فقد كان يقوم بعمله كما ينبغي .

كان يشغل فكره بهم شمل العشيرة ، حيث تأتى له ذلك و تحقق قبل وفاته بفترة وجيزة من خلال اشرافه على تنظيم ديوان عشيرة الحوامدة و انتخابه في تلك الفترة رئيسا لمجلس عشائر الحوامدة في الطفيلة و خارجها ، حيث كانت عشائر الحوامدة خارج المحافظة يفدون إليه بإستمرار للحديث في أمور العشيرة و المساعدة في حل بعض القضايا والنزاعات التي كانت تحدث مع أبناء عشيرة الحوامدة والعشائر الأخرى ، فقد كان يتقدمهم في تقديم النصح والمساعدة و تقديم كافة أشكال الدعم بما فيها الدعم المادي الذي عُرف عنه ما بين العشيرة و خارجها ، فهو تميز بشخصية في غاية الزهد و الكرم الملفت للانظار ، فلا يكترث للمال، فلا يرد كبيرا ولا صغيرا عندما يطلبه ، فيعطي لمن طلبه دون وجود ضمانات أو  شهود ، حتى قيل أن المبلغ الذي حصل عليه من جراء بيع أرضه في منطقة العيص على مؤسسة الإسكان ، قد ذهب سدادا لبعض الديون على بعض الأفراد والآخر قروضا لمواطنين كانوا يقصدونه، فيعطيهم دون ضمانات أو ما يسمى شيكات و كمبيالات، حيث كان يتجاهل في استرداد بعض الديون أو حتى أن يطلب من أحد ذلك مبتغيا الأجر و الثواب من الله تعالى .

حظي - رحمه الله - بإحترام منقطع النظير عند عشائر الحويطات/الجازي ،حيث يحترمونه ويقدرونه وكأنه شيخ قبيلتهم ، يدعونه بإستمرار لزيارة مضاربهم، و يقومون بعمل واجب الضيافة تكريما لمنزلته عند وجوه و مشايخ الحويطات ، و لسمعته الطيبة بين عشائر الطفيلة و لمكانته الإجتماعية في محافظة الطفيلة و خارجها ؛ لما قدمه من خدمات جليلة على صعيد عمله الإجتماعي و العشائري و التربوي ؛ كونه أشرف على تدريس الأبناء من عشائر الحويطات إبان تواجدهم في القادسية بالقرب من غابة الشيخ فيصل الجازي ، فقد كانت تربطه علاقة أخوية مع أفراد العشيرة وأبنائها الذين كانوا يفدون لمدرسة القادسية أثناء إدارتها  . 

عُلم عنه عندما كان يزور العراق، فأنه يلتقي بالرئيس الراحل صدام حسين و نائبه طه ياسين رمضان و وطارق عزيز وزير خارجيته بعض قيادات الحزب في مجلس قيادة الثورة، و المفارقة الغريبة العجيبة أنه ساعد في ابتعاث آلاف  الطلبة من الطفيلة و خارجها على حساب جمهورية العراق ، بينما إبنه صفوان درس على نفقة أبيه و كان  يزور في العراق يمتنع الالتقاء به منفردا،  بل يصٌر على الإجتماع مع كافة أبناء الأردن الذين كانوا يقدرون زيارته ويحترمونه و كأنه بمثابة الأب الذي يسأل عن ولده .
 
عاش حياته مناضلا رفيقا مصلحا إجتماعيا ساهم في حل كثير من النزاعات العشائرية في محافظته و محافظات المملكة ، فقد كان على إتصال مباشر مع شيوخ عشائر الأردن، قدم إنجازات على مستوى الوطن إجتماعيا كانت محط إعجاب و تقدير أبناء المحافظة و الوطن لا سيما على صعيد العمل الخيري و الجمعيات أو على صعيد دراسة الطلبة الأردنيين وأبتعاثهم على نفقة العراق و أمور أخرى بقيت في ذاكرة الطي والكتمان . 

في عام (١٩٧٥) ترشح للانتخابات البلدية في محافظة الطفيلة وفازت كتلته بالانتخابات مناصفة مع كتلة الشيخ عبدالله العوران، حيث أتصف في تلك الانتخابات بالايثار، فقدم استقالته متنازلا للكتلة الأخرى خدمة للطفيلة و شعبها ، و لا شك أنه بهذا التنازل قد جعل مصلحة مدينة الطفيلة ضمن سلم أولوياته و جعل الجميع ممن فازوا من الكتلتين يتحملون أمانة خدمة الطفيلة و جعل تقديم الخدمة لأبنائها ضمن نصب أعينهم .

عُلم عنه زهده في المناصب و كرمه الشديد في ماله منذ بدايات عمره ، حيث يذكر البعض أن الراحل كان في بدايات حياته قد انقطعت الكهرباء عن بيته و هو خارج البيت ، فلم يكن وقتها صاحب مال و لا جاه ، ويقال أنه عندما حضر لم يكن بالبيت إلا ( ٢٠ ) دينارا كانت أم صخر - رحمها الله - تدخرها ، و كانت الكهرباء مفصولا انذاك اعطته هذا المبلغ  لكي يراجع الكهرباء لإعادة التيار الكهربائي، صادفه أحد المواطنين ممن استغاث به من الذين يشتكون الفقر و كان مطلوبا للسجن ؛ نظرا لأنه مديون مبلغ بقيمة( ٢٠) دينار  و كان صاحب المبلغ قد رفع على هذا الفرد قضية في المحكمة ، فلمَ طلب من الراحل أبي صخر ، مشى معه للمحكمة و دفع عنه المبلغ لمنعه من دخول السجن ، فعاد الراحل لبيته وبقيت الكهرباء مقطوعة دون إيصالها لمدة طويلة . 

نشط الراحل في عدة جمعيات خيرية و تعاونية و زراعية ، كانت تقدم الدعم بكافة أشكاله لأبناء محافظة الطفيلة ، كما نشط في جمعية الهلال الأحمر مع كوكبة من الرعيل الأول القديم أمثال:  عايد العمايرة ، سعود الهريشات ،  عبدالمهدي العدينات، و مسلم الزغاليل، أطال الله في أعمارهم وكساهم ثوب الصحة و العافية ، و سيف العطيوي  و سالم العطيوي -  رحمهما الله - و بعض أبناء الطفيلة الذين كانوا نشطاء في هذا الجانب ، خاصة بعد حرب عام ( ١٩٦٧) .

حضر العديد من المؤتمرات الزراعية و السياسية التي عقدت في عمان ، فقد كان ممثلا عن كثير من القطاعات، علاوة على عمله في تربية الأغنام و الزراعة .

تحظرني الذاكرة قبل (٩ )سنوات عندما كنت برفقة أحد مدراء التربية والتعليم في ذلك الوقت في تغطية إعلامية لإحدى فعاليات المدارس ، وجرت العادة أن أدون معلومات المناسبة أو أية فعالية من المشرفين عليها من المعلمين و المعلمات في كل مدرسة ، وقتها شاهدت معلمة تظهر عليها صفات القيادة و الدراية ، فقد كانت ترحب بالضيوف و تساعد في تنظيم الفعالية، و كانت على درجة عالية من الثقافة، عندما أنتهت المناسبة، كنت أحسبها مديرة المدرسة إلا أن مدير التربية أوضح أنها معلمة في المدرسة و هي إبنة الراحل لطفي الحوامدة،  فلم أكن أعرف الراحل في ذلك الوقت للأسف، و بعد سنوات أصبحنا نسمع من قريب عن مساعدة مديرة مدرسة صاحبة شخصية فريدة ، حيث أن أحدى بنات أختي  قالت:" إنه ليحزنني أن افارق المدرسة بسبب وجود معلمة لها كاريزما و تعامل اشبه بالأم الحقيقية " فقلت لها : ما أسمها ؟ فقالت :" وهي في غاية الفرح والسرور أم حسن سناء لطفي الحوامدة " فأجبتها مباشرة :"لا غرابة يا بنيتي لعلها مزجت ما بين شخصية والدها في الكرم و الطيب والقيادة و ما بين شخصية والدتها -رحمهما الله - في الحنان و اللطف واللين والرزانة .

لا أخفيكم أنني تقصيت عن هذه الشخصية منذ أكثر من أسبوع باحثا، عن سيرة الراحل ، فطوبى لهذه السيرة التي نورت هذه الإنجازات بعطاء راحلنا قل نظيره ، وبخاصة أنه من الرعيل الأول الماسي  في حقول التربية و الاجتماع و السياسة .

  واخيرا تنحني هاماتنا  للرفيق المناضل الفاضل المرحوم بإذن الله احترامًا وتقديرًا ، فقد كان أبا صخر  واحدًا من جيل المربيين و المعلمين الأفاضل المؤمنين بالرسالة التربوية العظيمة، الناكرين للذات، من ذلك الزمن الجميل الذي  يتميز برزانته و بريقه ، فقد فارقت الدنيا بعد مسيرة عطاء زاخرة بالإنجازات ، ومشوار حياة في السلك التعليمي و العمل التربوي و التطوعي الإجتماعي و العشائري و الحزبي، تاركاً سيرة عطرة، نتداولها في زماننا هذا الذي تغيرت فيه المسميات، أصبح فيه الكرم يقتصر على فئة محدودة من الناس و هذا  العجب العجاب .

نسأل الله لك المغفرة  يا أبا صخر ، والرحمة ، والعفو ، وجزاك الله خيرا على ما قدمته لمحافظة الطفيلة والمحافظات الأخرى من إرث حافل بالإنجازات من علم وإصلاح ذات البين وأعمال اجتماعية وخيرية و تطوعية سوف تبقى محفورة في ذاكرة التاريخ و سوف تبقى سيرتك النقية المليئة بالتجارب الحياتية وخبرات الحياه وذكراك الطيبة، وروحك النقية، وإرثك من القيم والمثل النبيلة ، شاهدة على رمز من رموز الطفيلة و الوطن . 

 .