2024-05-16 - الخميس
افتتاح معرض (بيدي أصنع تنورتي) في تربية المزار الشمالي _ صور nayrouz "الصناعة" تطرح عطاء لشراء 10 ملايين كيس "بولي بروبلين" nayrouz انطلاق القمة العربية الثالثة والثلاثين في البحرين nayrouz الشرفات يرعى فعاليات يوم الطفولة لرياض الاطفال في مخيم الزعتري nayrouz البرنامج التدريبي السادس والأربعين في مجال "مأسسة إجراءات حق الحصول على المعلومة " لموظفي سلطة وادي الأردن في المكتبة الوطنية. nayrouz احتجاجات الجامعات: تحولات كمية إلى نوعية nayrouz المكتبة الوطنية تقيم فعالية بعنوان "جينا نفرحكم " و" مبادرة كتابي رفيقي" في مدرسة سكينة بنت الحسين / محافظة جرش nayrouz العبيدات يرعى احتفال مدرسة ضاحية الأميرة إيمان الثانوية المختلطة بمناسبة الاستقلال..."صور " nayrouz ندوة بالعقبة حول آلية الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان nayrouz إغلاق تلفريك عجلون مؤقتا لغايات الصيانة السنوية nayrouz الهلال الأحمر: استشهاد أكثر من 15 ألف طفل منذ بدء العدوان على غزة nayrouz شرطها الالتزام بأخلاقيات استخداماتها.. الثورة الرقمية ركيزة التنمية والابتكار nayrouz ارتفاع الاسترليني أمام الدولار واليورو nayrouz الاستخبارات والأمن العراقي تحكم قبضتها على (٣) تجار مخدرات nayrouz وفد وزاري يناقش تحديات القطاع الصناعي في جنوب شرق العاصمة _ " صور " nayrouz جامعة البلقاء التطبيقية تتألق في مسابقة المهرجان الوطني التكنولوجي في الجامعة الأردنية nayrouz إغلاق تلفريك عجلون مؤقتا لغايات الصيانة السنوية nayrouz وفاة الفنان المغربي أحمد بيرو أحد رواد الطرب الغرناطي nayrouz بورصة عمان تغلق تداولاتها على ارتفاع nayrouz الأردن يترأس الاجتماع السنوي لمنصة الطاقة بإسطنبول nayrouz

أعلام من الطفيلة: الحاجة مناهي العوران أم محمد

{clean_title}
نيروز الإخبارية :
بقلم : يوسف المرافي 

 قامة تربوية أخت رجال، صاحبة نخوة ،كريمة ، معطاءة ، يفيض الجود منها ، إجتماعية متطوعة في قطاعات المجتمع و شخصية قوية للغاية في الإدارة والتعليم  على درجة عالية من الدراية والمسؤولية عطوفة على الصغار وجوادة على الكبار صاحبة إحسان نحسبها ولا نزكي على الله أحدا ، حيث كانت تسخر سيارتها لنقل المعلمات في المدرسة دون مقابل ،   فهي من الجيل الأول القديم ، مواليد عام ( ١٩٤٦ ) و من اوائل الطالبات الحاصلات على الثانوية العامة عام ( ١٩٦٥ ) ، و تحمل شهادة البكالوريوس في الشريعة الإسلامية ، تتملكها جرأة و شجاعة إدارية في إتخاذ القرارات لمصلحة العملية التعليمية ، مما شكلت منظومة متكاملة عملت على إبراز قيادات تربوية ، أصبحن فيما بعد يشار لهن بالبنان ، و نشاهد ثمارهن على مجتمعنا في محافظة الطفيلة  .
 
يقال أنها كانت تذهب إلى مدرسة صنفحة مشيا على الأقدام ذهاباً و اياباً لتدريس الطالبات قبل  أكثر من نصف قرن ، فقد  كانت تعتبر كل بنت من بنات الطفيلة إبنة لها تغار عليها بحرقة و شفقة ، كما كانت تقف مع الطالبة التي تشعر بذكائها وتشجعها و تساندها و تقف بجانبها خاصة الطالبة الفقيرة التي تتغيب عن المدرسة بسبب الفقر والعوز، و هذا يعني أنها ساهمت في رفع قيمة النخوة كفضيلة تمارس في المجتمع .

ذُهلتُ من شخصيتها في أول إتصال هاتفي أجريته معها من أجل التًّقصي عن سيرتها الذاتية ، فقد لمست في حديثها الإيثار والطمآنينة ، حيث أشارت عليَّ في مستهل حديثها للكتابة عن الرعيل القديم جدا ممن جاءوا قبلها و غادروا إلى رحمة الله وأحدى القامات التربوية القديمات ومن اللواتي وصفتها بالمديرة الكبيرة الأم ، فأوضحت لها أن البعض من الرعيل الأول القديم جدا ما زلنا نتقصي و نبحث عن البعض و البعض الآخر ننتظر و نتمهل في الحصول على سيرته الذاتية بشكل تام ؛ بسبب قدمه في قطاع التربية و التعليم و غياب المعلومات و الأرشفة لتلك القامات بشكل مؤسف ، حيث أننا نريد إظهار المقالة عن هذه القامات بشكل كامل غير منقوصة ليسهل الرجوع إليها وقت الحاجة و الطباعة ، و أما القامة التربوية الأخرى  القديمة التي ذكرتها ، فقد أوضحت أنه طُلب مني التأجيل و التمهل بسبب المرض حتى تتحسن الظروف الصحية ، حيث اتصلت مرارا مع الأبناء الذين التمست لهم العذر و قاموا بشكري على الجانب الحيادي و الموضوعي الذي اوليته لوالدتهم .

في عام (١٩٦٥) تم تعين الفاضلة مناهي العوران في قطاع التربية والتعليم ، ومما يثير الدهشة أنها عُينت لوحدها فقط معلمة ومديرة في آن واحد لمدرسة صنفحة لمدة سنتان متتاليتان ، حيث كانت المدرسة ذات صفوف مجمعة ، و ظروف الناس في تلك الفترة قاسية و صعبة جدا رغم وجود ذكاء خارق لدى  بعض الطالبات في المدرسة ، فقد عملت هذه الظروف على إعاقة تلك الطالبات من الإستمرار و أكمال الدراسة ، مما أوجد عبئا ثقيلا على الفاضلة العوران التي كانت تفتقد للخبرة التعليمية والإدارية في ذلك الوقت نظرا لإدارة تعينها كمعلمة ومديرة في نفس الوقت ، ومما يثير الدهشة ايضا أنها  كانت على تواصل وعلاقة وطيدة مع بعض الطالبات وأهاليهم لثني بعضهن عن ترك المدرسة ، فقد كانت علاقتها وطيدة مع المجتمع المحلي  و ساعدها في ذلك أنهم كانوا أهل كرم وجود وحسن أخلاق  .

تقول الفاضلة العوران :" في تلك الفترة كان للمعلم هيبة و احتراماً و تقديرا، حيث كان المعلم في ذلك الوقت هو المصلح الإجتماعي و المستشار لدى فئات المجتمع المختلفة ، فقد كان له قيمة كبيرة في المجتمع" على حد قولها .

وفي عام ( ١٩٦٧ )و بعد عامين من تواجدها بمدرسة صنفحة ، شهدت المدرسة تطورا فريدا في بنيتها التحتية ، حيث توسعت غرفها و ساحتها وارتفع مستوى الصفوف فيها إلى الصف السادس الأبتدائي ، مما دفع التربية لرفع عدد المعلمات إلى معلمتين في ذلك الوقت ، حيث كانت تعود إلى الطفيلة  سيرا على الأقدام ، و لاحقا بسيارة لكن عندما تتعطل كانت تكمل مسيرها كما كانت تفعل إبان بدايات تعيينها ، فيما كانت المعلمة الثانية تسكن في صنفحة و بقيت العوران في المدرسة  .

و في عام (١٩٦٩) ، تم نقلها كمعلمة إلى مدينة الطفيلة تحديدا مدرسة الطفيلة الإبتدائية ، حيث درست فيها عدة مواد و بقيت فيها حتى عام ( ١٩٧٢ )، بعدها عينت مديرة لمدرسة بلاط الشهداء الإبتدائية ، حيث  استلمت الإدارة من الفاضلة فوزية الربعي رحمها الله .

و في عام ( ١٩٧٣ )  انتقلت إلى مدرسة ( شلحة )، حيث خدمت فيها ( ٥ ) سنوات متتالية تخللها التحاقها ببرنامج التأهيل التربوي دراسة المناهج لمدة سنتين بعد التوجيهي ، حيث كانت وقتها مديرة ومدرسة ايضاً ؛ كونها تفضل اللقاء والتقرب والإحتكاك مع  الطالبات لمعرفة أحوالهن أكثر لتقديم النصيحة التي تلبي حاجاتهن ، مما ساعد على متانة العلاقة بينها وبين الطالبات اللواتي اعتبرنها بمنزلة الأم الحقيقية التي ترعى أبناءها . 

وفي عام ( ١٩٧٨ ) عادت مرة أخرى إلى مدرسة عمورية مديرة لها حتى عام ( ١٩٨٢ ) ، حيث  غادرت في نفس العام  إلى دولة الإمارات العربية المتحدة إعارة لمدة خمس سنوات .

 ‏في عام (١٩٨٧) عادت من دولة الإمارات العربية المتحدة  عام ( ١٩٨٧ ) ، حيث استلمت  مديرة في مدرسة أرويم ، ساهمت  خلال تواجدها في عمل حديقة مميزة فازت فيما بعد بالمركز الأول في مسابقة أجمل حديقة ، كما قامت بتشجيع الطالبات اللواتي حصلن على معدلات مرتفعة في الثانوية العامة ، فقد كانت في تلك الفترة بمثابة الأم للطالبات و الأخت للمعلمات، و كانت تشارك في حل المشاكل الأسرية للطالبات لدرجة أنها كانت ترسل لجنة مشكلة من المدرسة للطالبة التي تترك التعليم في سكنها، و خاصة الطالبات المتميزات اللواتي تسربن من المدرسة لظروف خاصة ، فقد كانت تبذل جهودا كبيرة في محاولة منها لإرجاع أي طالبة تنقطع عن المدرسة .

كما يروى  عنها أنها كانت تشعر بالذنب عندما تسمع أن أحدى طالباتها تريد أن تترك المدرسة لأن المدرسة كانت تشكل في ذلك الوقت المتنفس الوحيد للطالبة للخروج من المنزل و رؤية صديقاتها في المدرسة ، فقد كانت تحاول جاهدة معرفة السبب الذي يدفع أي طالبة لترك المدرسة و تعمل على حل المشكلة سواء كانت المشكلة مادية أم معنوية أم إجتماعية  .

و في عام ( ١٩٩٢ ) نقلت إلى مدرسة زين الشرف الثانوية وأمضت فيها حتى عام (١٩٩٤) ، بعدها في نفس العام  انتقلت إلى مدرسة الطفيلة الثانوية (الأم ) ، و بقيت فيها حتى عام (٢٠٠٠) إلى أن أحيلت على التقاعد و خلال تلك الفترة العريقة نهضت بالمدرسة و أزدهرت في مبناها ومعالمها و نتائج الطالبات ، فقد حصلت إحدى الطالبات على المرتبة الثانية في الثانوية العامة/ الفرع الادبي على مستوى المملكة علما بأن الطالبة  كانت تأتي للمدرسة من قرية (أبو بنا) ، و  كان يُضرب المثل في الطاقم الإداري و التعليمي في المدرسة كأفضل طاقم إداري و تدريسي على مستوى المحافظة. 

أما في مجال العمل التطوعي الإجتماعي ، فقد سطع نجمها و بريقها في هذا الميدان لا سيما أنها ساهمت في تأسيس جمعية فتاة الطفيلة الخيرية (جمعية زين الشرف) حالياً بدءاً من عام ( ١٩٦٩ حتى ١٩٩٥ )، مع الزميلات الفضليات رباب عبدالله العوران ، و هند السقرات ، و شقيقتها فائزة العوران ، و زهرة الزغاميم ، حيث عملت كأمينة للصندوق لفترة طويلة ، و في عام (١٩٧٥) شاركت في الإتحاد النسائي الأردني /فرع الطفيلة، و بعدها عام (١٩٧٢ - ١٩٨٢ ) استلمت مسؤولة لجمعية أسرة الجندي ، حيث كانت تقدم المساعدات العينية و المبالغ النقدية لبعض أسر الشهداء .

شاركت في الإحصاءات العامة مشروع تعداد السكان عام ( ١٩٧٩ ) ، كما شاركت في اللجنة المشرفة لصندوق الملكة علياء حتى عام (١٩٨٢) ، و بعد العودة من الإعارة تابعت  نشاطها في جمعية زين الشرف، و الإتحاد النسائي، و مساندة لصندوق الملكة علياء ، كما كان لها نشاطات بارزة في جمع التبرعات لمساندة للدول المنكوبة مثل الباكستان و العراق .

أهم ما كان يميزها أنها كانت شخصيه قيادية بإمتياز ، حيث عرفت بحرصها الشديد على الطالبات  و القيم والمبادئ في إدارتها للمدرسة ، كما ساهمت في تخريج أجيال امتازوا بالشخصيات القوية متسلحين بالخلق و العلم و الإخلاص و التفاني في العمل .

 تميزت بالبصيرة و الدراية و ألمامها بأساسيات الحوار والنقاش ، و مستوى عال من الثقافة التربوية والمجتمعية والدينية أهلتها أن تكون من اللواتي استطعن إثبات قدرتها على قيادة العملية التعليمية وتميزها في إدارة المدارس و المواقف الصفية بكل جدارة و استحقاق .

لا تتردد في إبداء الرأي الصائب كما يبدو لكل من يطلبه أو يراجعها في مدرستها ، خصوصا أنها كانت بمنزلة الأم لمن كان في المدرسة من المعلمات و الطالبات  اللواتي حققن نجاحات في مجال العلم والنشاطات اللامنهجية ، فقد كانت تشكل إلهاما و أنموذجا يحتذى لدى الطالبات في المرحلة الثانوية اللواتي أصبحن فيما بعد معلمات ومديرات مدارس و مربيات فضليات  .

كانت تحظى برفعة وسمو و إحترام  و تقدير المجتمع ، فقد كانت على درجة كبيرة من الحكمة والإدراك و الإطلاع في الأمور الإجتماعية ،خاصة أنها مديرة تربوية مخضرمة و ذات قدوة سلوكية تحتذى في الإخلاص والتفاني ؛ بما يعكس ذلك من علم وثقافة ، و تمتع بخصال و مزايا حميدة، جلّها دماثة الخلق ، و حسن المعشر، وطيبة القلب والإيثار  و وتوفير على الخزينة بما كانت تقوم به من أعمال تتطلب عبئا على النفقات المالية مما عززت في قيمة حب الوطن ، إضافة إلى سمتها بالتواضع الذي زادها احترامًا و تقديرًا و محبة الناس و كل من عرفها و التقى بها في ذلك الوقت، مما تركت أثرا طيبا يتأسى به الآخرون .

و اخيرا ، ندعو الله أن يلهمها الصحة والعافية ، و أن يبارك في عمرها ، و أن يحفظها، و أن يديم عليها الخيرات والمسرات ، و أن يجزيها الله خير الجزاء على ما قدمت به من سجل حافل بالعطاء والإنجازات التي سوف يذكرها الأجيال  كمثال على المرأة الفاضلة التي  تنشد الخير للآخرين ولوطنها الغالي  .